
في عهد السيسي.. كفاءات مصرية تتصدر مؤسسات دولية

تقرير يكتبه عادل خفاجي:
مصر الحضارة والتاريخ تتحدث بلغات العالم… كفاءات وطنية في صدارة المؤسسات الدولية
مصر، أرض الحضارة والتاريخ، صاحبة أقدم حضارة عرفها الإنسان، والتي تمتد جذورها لأكثر من سبعة آلاف عام، تتحدث اليوم بلغات العالم من خلال أبنائها الذين يتولون إدارة كبرى المؤسسات الدولية، ويسهمون في صناعة القرار العالمي في مختلف المجالات. إن هذه النجاحات المتوالية لا تأتي من فراغ، بل تعكس بوضوح رؤية الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائمة على تمكين الكفاءات الوطنية، وإبراز القدرات المصرية على الساحة الدولية، ورفع راية مصر في جميع المحافل العالمية.
لقد شهدت السنوات الأخيرة بروز عدد متزايد من الشخصيات المصرية في مواقع صنع القرار داخل مؤسسات دولية مرموقة، وهو ما يمثل ترجمة واقعية للاستراتيجية المصرية التي تستهدف استعادة الدور الريادي لمصر عالميًا. ولم تعد الدبلوماسية المصرية تعتمد فقط على أدواتها التقليدية، بل أصبحت تصدّر للعالم خبرات وعقولًا مصرية تمتلك الكفاءة، وقادرة على التأثير في تشكيل السياسات الدولية وصناعة القرار في مجالات الثقافة والاقتصاد والتنمية والبيئة وغيرها.
خالد العناني.. أول عربي يقود منظمة اليونسكو
يُعد الدكتور خالد العناني أحد أبرز النماذج المصرية الناجحة، حيث حققت الدبلوماسية الثقافية المصرية من خلاله إنجازًا تاريخيًا تمثل في انتخابه مديرًا عامًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ليصبح بذلك أول عربي ومصري يتولى هذا المنصب الدولي الرفيع.
وجاء فوز الدكتور العناني مطلع أكتوبر الجاري بأغلبية ساحقة، تعكس المكانة التي اكتسبها بفضل المساندة القوية من مختلف أجهزة الدولة المصرية في الداخل والخارج، إلى جانب خبرته الواسعة في إدارة الملفات الثقافية والتراثية. فقد شغل منصب وزير السياحة والآثار، وكان وراء عدد من المشروعات الثقافية العملاقة التي أعادت لمصر بريقها الحضاري عالميًا، من بينها مشروع تطوير المتحف المصري الكبير، وملف موكب المومياوات الملكية الذي خطف أنظار العالم وأعاد إلى مصر موقعها الريادي في الثقافة والتراث.
كما يُعد انتخابه تتويجًا لمسار طويل من التعاون الثقافي بين مصر والمنظمات الدولية، خاصة في مجال حماية التراث الإنساني العالمي.
ويؤكد هذا الإنجاز نجاح الرؤية المصرية في تمكين الكفاءات الوطنية ودعمها لتتولى مناصب قيادية دولية، كما يعزز مكانة مصر كحارس للتراث الإنساني، وصوتٍ عالمي يحمل رسالة ثقافية قائمة على الحوار والتنوع والتفاهم بين الشعوب.
محمود محيي الدين.. صوت مصر في الاقتصاد العالمي
وفي المجال الاقتصادي، يبرز اسم الدكتور محمود محيي الدين، أحد أبرز الخبراء الاقتصاديين المصريين والعرب على الساحة الدولية. ويشغل محيي الدين حاليًا منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، بعد مسيرة مهنية متميزة امتدت من وزارة الاستثمار المصرية إلى مواقع رفيعة في البنك الدولي.
ويُعرف الدكتور محيي الدين بجهوده المؤثرة في دعم مفهوم “التمويل من أجل التنمية” وقيادة مبادرات عالمية تدعم التحول الأخضر وتمويل التنمية المستدامة. كما لعب أدوارًا محورية في العديد من المحافل الاقتصادية الدولية، مما جعله من أبرز الأصوات المؤثرة في قضايا الاقتصاد العالمي. ويُعد من أوائل الخبراء الذين روجوا لفكرة «تمويل التنمية الشامل» الذي يربط بين النمو الاقتصادي والاستدامة الاجتماعية والبيئية.
ويؤكد وجوده في هذا الموقع أن مصر تمتلك عقولًا قادرة على صياغة رؤى اقتصادية عالمية تجمع بين الكفاءة العلمية والرؤية التنموية الشاملة، في انسجام تام مع التوجهات المصرية للإصلاح الاقتصادي تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
غادة والي.. نموذج مصري في قيادة العمل الاجتماعي الدولي
أما على صعيد التنمية الاجتماعية والعمل الدولي، فقد استطاعت الدكتورة غادة والي أن تحجز لنفسها مكانًا بارزًا على الساحة العالمية، بعد اختيارها من قِبل منظمة الأمم المتحدة لتولي منصب المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهو أحد أهم المناصب في منظومة الأمم المتحدة.
وتُعرف غادة والي بخبرتها الطويلة في مجالات التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر، إذ شغلت منصب وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر، وأطلقت العديد من المبادرات الرائدة مثل برنامج “تكافل وكرامة”، الذي أصبح نموذجًا عالميًا يُحتذى به في مجال الحماية الاجتماعية وتمكين الفئات الأكثر احتياجًا. ويُعد هذا البرنامج من أكثر البرامج الاجتماعية التي حظيت بتقدير البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بالتنمية.
وتمثل والي اليوم أحد أبرز الوجوه النسائية العربية في المنظمات الدولية، وتجسد نجاح التجربة المصرية في تمكين المرأة لتكون شريكًا أساسيًا في عملية التنمية وصنع القرار على المستويين الوطني والدولي.
ياسمين فؤاد.. صوت البيئة المصرية في المحافل الدولية
وفي المجال البيئي، برز اسم الدكتورة ياسمين فؤاد كواحدة من أهم الشخصيات المؤثرة عالميًا في قضايا المناخ والتنمية المستدامة. فقد لعبت دورًا محوريًا في تنظيم مؤتمر المناخ (COP27) الذي استضافته مدينة شرم الشيخ، والذي حظي بإشادة واسعة من المجتمع الدولي، وأكد قدرة مصر على إدارة ملفات بيئية معقدة على المستوى العالمي.
وتشارك الدكتورة ياسمين فؤاد في العديد من اللجان الدولية المعنية بتغير المناخ، وتعمل على نقل التجربة المصرية في ربط قضايا البيئة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتمثل فؤاد أحد الأصوات القوية التي تقود الحوار العالمي حول المناخ، بما ينسجم مع رؤية “مصر 2030” التي تضع الاستدامة في صميم سياساتها الوطنية. كما تُعد من بين أبرز القيادات النسائية على مستوى العالم في مجال التكيف مع التغيرات المناخية وتمويل المناخ.
محمد معيط.. خبرة مصرية في المالية العامة الدولية
يُعد الدكتور محمد معيط من أبرز الخبراء الماليين في الشرق الأوسط، وله دور محوري في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي نال إشادة من مختلف المؤسسات المالية الدولية. فقد ساهم بخبرته وحنكته في إدارة ملفات مالية واقتصادية دقيقة انعكست إيجابًا على صورة الاقتصاد المصري عالميًا.
ويحظى معيط بحضور دائم في المؤتمرات المالية الدولية الكبرى، مثل اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويُنظر إليه بوصفه نموذجًا للمسؤول المصري الذي يمتلك رؤية وطنية راسخة وقدرة على التعامل مع الملفات المالية المعقدة وفق معايير عالمية. كما يُعد من المؤثرين في صياغة سياسات التمويل العام في الدول النامية.
محمد العريان.. من أبرز العقول الاقتصادية عالميًا
أما الدكتور محمد العريان، فهو أحد أشهر الاقتصاديين المصريين على مستوى العالم. ويشغل العريان مناصب رفيعة في عدد من المؤسسات المالية العالمية، أبرزها شركة “أليانز”، كما شغل منصب مستشار اقتصادي للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ويُعد من أكثر العقول الاقتصادية تأثيرًا في العالم.
وتحظى تحليلاته الاقتصادية بنشر واسع في أهم الصحف والمجلات الاقتصادية الدولية، كما يُستعان برؤيته في رسم السياسات المالية في عدد من الدول والمؤسسات. ويؤكد نجاحه قدرة مصر على تصدير العقول والخبرات التي تسهم في تشكيل الفكر الاقتصادي العالمي وتعزيز الصورة الذهنية لمصر كمنبع للكفاءات المتميزة.
تمثيل مصري متزايد في مختلف القطاعات
ولا تقتصر أسماء المصريين المؤثرين دوليًا على هذه الشخصيات فقط، بل تمتد لتشمل كوادر أخرى في قطاعات الطاقة، والصحة، والاتصالات، والتنمية البشرية، ممن يشغلون مناصب قيادية واستشارية في منظمات الأمم المتحدة، والبنك الإفريقي للتنمية، والمؤسسات الدولية المتخصصة.
ويعكس هذا الحضور المتنامي بوضوح رؤية الدولة المصرية في توظيف الكفاءات الوطنية على المستوى الدولي كأداة لتعزيز النفوذ الإيجابي لمصر، وتكريس مكانتها كدولة فاعلة في النظام الدولي الجديد، من خلال ما يمكن تسميته بـ «التمثيل النوعي» الذي يُعد أحد أدوات القوة الناعمة الحديثة. كما تمثل هذه الكوادر ركيزة مهمة في الدبلوماسية المصرية غير التقليدية التي ترتكز على التأثير المعرفي والمهني.
الجمهورية الجديدة.. تصدير الكفاءات لا الأزمات
إن ما نشهده اليوم من تمثيل مصري متزايد في المنظمات الدولية لم يأتِ بمحض الصدفة، بل هو ثمرة رؤية واضحة لقيادة سياسية أولت اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الكوادر الوطنية، وبناء القدرات، وتمكين أصحاب الكفاءات من الوصول إلى مواقع متقدمة في الداخل والخارج.
ففي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أصبح تمكين الكفاءات الوطنية جزءًا أصيلًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعظيم الدور المصري عالميًا، وتحويل الخبرات المصرية إلى رافد من روافد التأثير الدولي الإيجابي.
مصر تستعيد مكانتها الدولية بثقة وكفاءة
تؤكد هذه النماذج المشرفة أن مصر لا تصدر للعالم منتجاتها الثقافية والتراثية فقط، بل تصدر أيضًا عقولها وقياداتها التي تسهم في تشكيل مستقبل العالم.
ومع تزايد أعداد المصريين في المناصب الدولية رفيعة المستوى، تترسخ صورة مصر كدولة تمتلك الرؤية والعقول والكفاءات القادرة على التأثير في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتنمية المستدامة.
إنها مصر التي تخطو بثبات نحو آفاق الريادة العالمية، وتثبت أن قوتها لا تقتصر على تاريخها العريق وحضارتها الممتدة، بل تمتد إلى حاضرها المزدهر بعقول أبنائها، في مشهد جديد من مشاهد «القوة الناعمة المصرية» التي تُكتب فصولها اليوم بلغة التأثير والحضور العالمي.